Arabthoughtcouncil...


علاء الدين الأعرجي

الأعرجي في إشكالــيّة التربية والتعليم وإعادة إنـتاج التخلف في الوطن العربي

يضيف المفكر العربي علاء الدين صادق الأعرجي حلقة جديدة في مشروعه النظري، الذي طرحه في ثلاثة مؤلفات سابقة وقدم فيه تصورا استثنائيا وغير مسبوق للأسباب التي دفعت العالم العربي، والإسلامي بوجه عام، الى معاناة واحدة من أشد حالات التخلف تشابكا وتعقيدا.

ولئن كانت القناعة راسخة بان تخلف العالم العربي يعود لأسباب متداخلة، ومتراكمة، ومعقدة، وتعود في بعدها الزمن الى أمد طويل، فان الثلاثية النظرية التي استند اليها الأعرجي أعادت تفكيك المتداخل والمتراكم والمعقد لتكشف عن طبيعته الحقيقية، بوصفه علة من علات “عقل مجتمعي” متخلف، وغير قادر في الوقت نفسه، على الخروج من دوائرة العتمة التي تم فرضها عليه.

لقد تجاوز الأعرجي في هذا الكتاب الكثير من التحليلات المعرفية التي حاولت تقديم تفسير مقنع لظاهرة التخلف وسبل التغلب عليها. واستند الى منهجه النظري الخاص من اجل ان يتفحص الظاهرة من بعدها المجتمعي بالذات. وهو بعد غالبا ما ظل خفيا وبعيدا عن متناول عدد معتبر من كبار المفكرين العرب.

ومثلما فعل في كتبه الأخرى، فقد وضع الأعرجي في هذا الكتاب اصبعه على الجرح في جانب يجوز القول انه مفتاح التقدم: التعليم. ولكنه قبل أي افتراض مسبق، أعاد الأمر الى نصابه الصحيح، بوصف مشكلات التعليم والموقف التاريخي السلبي منه على أنها عله أخرى من علل عقل مجتمعي ظل عاجزا عن قبول التجديد، كما ظل عاجزا عن اقتحام غمار التغيير.

لقد شق الأعرجي طريقا، واسع المعاني، وعميق الدلالة، لمعرفة الجواب الأساس للسؤال التاريخي: لماذا تخلفنا وتقدم الآخرون؟

اما هنا في هذا الكتاب بالذات، فانه يقدم واحدا من أكثر الأدلة وضوحا على أن هيمنة “العقل المنفعل”، على بيئة التعليم ومناهجة والثقافات المحيطة به، وهو عامل دافع لتجعل التخلف تحديا ثابت الأقدام على أرض لم يسعها ان تنتج ثقافة تواكب عصرها، لأنها في الأصل محكومة بأحكام واستنتاجات عصر سابق.

وبلغة سلسلة وأدلة واضحة وسياق متين جعل الأعرجي من رؤيته جهدا نظريا خلاقا يصطف بين كبريات الاعمال الفكرية العربية، واتاح لنا الفرصة للنظر في منطقة معتمة أخرى من مناطق العقل العربي.