مؤامرات الغرب ضد العرب
8/11/2017
إن الحديث عن المؤامرات التي حيكت ضد العرب سوف يقتصر على الحديث بايجاز عن 4 مؤامرات: التآمر على وحدة الوطن العربي (سايكس بيكو)، والتآمر على شعب فلسطين (وعد بلفور) والتآمر على العراق وغزوها في عام 2003، والتآمر على سورية. وسيلاحظ القارئ أن كافة المؤامرات هذه كانت نتيجة لفكر استعماري شارك في بلورته بريطانيا وفرنسا وامريكا، ما يجعل النخب الحاكمة في الدول هذه لعنة من لعنات التاريخ التي أصابت العرب وقامت بتدمير أملهم في الوحدة والحرية والنهضة. ومع اعتراف بعض ساسة الدول هذه ومثقفيها بما ارتكبته بلادهم من جرائم بحق العرب، إلا أن المؤامرة ما تزال مستمرة كما نشاهد اليوم في سورية واليمن وليبيا والعراق وفلسطين.
سايكس-بيكو
بدأت الحرب العالمية الأولى عام 1914 وانتهت عام 1918، وكان طرفا الحرب الرئيسيين هما المانيا والإمبراطورية العثمانية من ناحية، وفرنسا وبريطانيا وروسيا القيصرية من ناحية ثانية، فيما انضمت أمريكا إلى الحلف هذا عام 1917. أما أهم التبعات التي اعقبت تلك الحرب فكانت هزيمة ألمانيا وانتهاء الإمبراطورية العثمانية، وقتل الملايين من البشر، وتجزئة البلاد العربية وقيام بريطانيا وفرنسا باقتسامها. من ناحية ثانية، جرت اثناء الحرب اتصالات بين الحسين بن علي أمير مكة حينئذ والمندوب البريطاني في القاهرة، وذلك بهدف التوصل إلى اتفاق بين الطرفين، يقوم العرب بموجبه بالثورة على العثمانيين مقابل وعد بريطاني بإقامة دولة عربية أو اتحاد عربي تحت قيادة الشريف حسين. لذلك أعلن الشريف حسين الثورة على تركيا في منتصف عام 1916، وقامت قواته بتحرير أجزاء كبيرة من الأرض العربية قبل انتهاء الحرب وتوقف المعارك عام 1918.
وفيما كان الشريف حسين يتفاوض مع البريطانيين، كان موظفان في وزارتي الخارجية البريطانية والفرنسية، (فرانسوا بيكو الفرنسي ومارك سايكس البريطاني) يقومان سرا بتجزئة البلاد العربية بين فرنسا وبريطانيا، إضافة إلى اصدار وعد بلفور للحركة الصهيونية. ولقد تم الكشف عن اتفاقية سايكس-بيكو عام 1917 بعد وقوع الثورة الروسية واستيلاء الشيوعيين على السلطة. وعلى الرغم من احتجاجات العرب، إلا أن الاتفاقية تم تنفيذها على أرض الواقع؛ إذ حصلت فرنسا على سوريا ولبنان ومنطقة الموصل في العراق، فيما حصلت بريطانيا على العراق ومنطقة الخليج فيما عدا السعودية، إلى جانب الأردن وفلسطين؛ كما تم الاتفاق على تقاسم السيطرة على موانئ يافا وحيفا والاسكندرية بين فرنسا وبريطانيا. في عام 1920 تم اعتماد خارطة سايكس–بيكو من قبل عصبة الأمم، كما تم اقرار الانتداب البريطاني على فلسطين توطئة لتطبيق وعد بلفور. في عام 1922 تم تجريد سوريا من الأقاليم الشمالية وضمها لتركيا ارضاء لزعيم تركيا الجديد كمال اتاتورك، كما تم التوصل لاتفاق بين بريطانيا وفرنسا تنازلت فرنسا بموجبه عن الموصل الغنية بالنفط مقابل حصولها على حرية التصرف في بلاد العرب الواقعة في شمال افريقيا.
وعد بلفور
صدر وعد بلفور عام 1917 قبل دخول القوات البريطانية فلسطين بشهر، وذلك في صورة رسالة بعثها آرثر بلفور وزير خارجية بريطانيا إلى ليونيل دي روتشيلد أحد زعماء الحركة الصهيونية، يؤكد فيها تأييد بريطانيا لإقامة وطن قومي لليود في فلسطين، علما بأن عدد اليهود في فلسطين حينئذ لم يتجاوز 5% من سكان البلاد. ولذلك أطلق المؤيدون لحق الشعب الفلسطيني على وعد بلفور “وعْدُ من لا يملك لمن لا يستحق”. ولقد كان الانتداب البريطاني على فلسطين أحد الشروط التي تم الاتفاق عليها بين بريطانيا وأمريكا لتمكين الحركة الصهيونية من تحقيق هدفها في تفريغ فلسطين من معظم سكانها، وإقامة دولة لليهود عليها. لذلك يقال أن بلفور وزير خارجية بريطانيا ذهب إلى أمريكا أثناء الحرب ليطلب من رئيسها دخول الحرب إلى جانب الحلفاء؛ لكن الرئيس ولسون طلب منه أن يجتمع أولا مع القاضي برانديز عضو المحكمة العليا، والعضو البارز في الحركة الصهيونية. وتشير المعلومات إلى أن برانديز طلب من بلفور اصدار بيان يمنح اليهود وعدا بإقامة وطن قومي لهم في فلسطين مقابل دخول أمريكا الحرب. ومع أن بلفور استغرب الطلب أولا، إلا أن مجلس الوزراء البريطاني استحسن الفكرة بعد أن رآى أن من شأن الوعد هذا أن يشجع يهود العالم على دعم مشاريع بريطانيا الاستعمارية.
مع ذلك، لم يكن البريطانيون ولا الأمريكيون أول من فكر في هذا الأمر؛ إذ كان نابليون هو اول من أعرب عن رغبته في مساعدة اليهود على إقامة دولة لهم في فلسطين متحالفة مع فرنسا. إذ رآى نابليون في ذلك إمكانية تحقيق عدة أهداف: فصل عرب آسيا عن عرب افريقيا، تسهيل مهمة فرنسا في احتلال مصر وإقامة علاقات مع الهند، واضعاف نفوذ بريطانيا التي كانت المنافس الأول لفرنسا في ذلك الزمن. وقد أطلق نابليون تصريحه بهذا الأمر عام 1799 بعد أن وصل القاهرة عائدا من فلسطين وقد هزمت قواته على أبواب مدينة عكا.
ومع وصول القوات البريطانية لفلسطين، كان اول حاكم تُعينه بريطانيا لفلسطين هو هيربرت صومويل اليهودي الصهيوني، الذي تم تكليفه بخلق الظروف المناسبة لتمكين اليهود من تحقيق هدفهم؛ لذلك فُتحت أبواب فلسطين لهجرة اليهود على مصراعيها، وتم ادخال اللغة العبرية في دوائر الحكومة كلغة رسمية، وطباعتها على العملة وطوابع البريد. كما قام الحاكم البريطاني بتسهيل مهمة اليهود في إقامة المستوطنات الزراعية وتأجير جزء كبير من أراضي الدولة لهم. ومع وصول عام 1948 كانت نسبة اليهود قد وصلت نحو 30% من سكان فلسطين، وما يملكون من أراضي نحو 8% من مساحة فلسطين، كما كان لهم جيش منظم، إضافة إلى عدة جماعات إرهابية مدربة ومسلحة؛ الأمر الذي مكنهم خلال عامي 1947-1948 من الاستيلاء على نحو 78% من أراضي فلسطين وتهجير نحو نصف سكانها البالغ عددهم نحو 800 ألف، ومصادرة ممتلكاتهم. ومع ان نحو 156 ألف فلسطيني بقي في فلسطين، واكتسب الجنسية الإسرائيلية عام 1952، إلا أن إسرائيل فرضت عليهم الحكم العسكري حتى عام 1966، ولم تسمح لهم بالعودة لقراهم أو اسعادة املاكهم التي كانت قد استولت عليها عام 1948.
غزو العراق عام 2003
على الرغم من المبررات التي ساقتها حكومة الرئيس جورج دبليو بوش لغزو العراق، إلا ان الرغبة في السيطرة على بترول العراق، والخوف على الدولار كانا اهم الأسباب التي دفعت بوش لتلفيق التهم للرئيس صدام حسين، والقيام بغزو العراق عام 2003. إذ قام بوش باتهام صدام حسين بدعم الإرهاب والتعاون مع القاعدة، وامتلاك أسلحة دمار شامل، وذلك خلافا للحقيقة. ولقد سبق وصول بوش للسلطة قيام إيران بالتحول من الدولار إلى اليورو لتسعير البترول، وهذا ما فعله صدام حسين عام 2000، ما دفع بوش عام 2002 لوضع ايران والعراق في خانة مثلث الشر. ولقد جاء التحول هذا في وقت شهد تزايد العجز في ميزان امريكا التجاري مع العالم، إذ بلغ مجموع العجز خلال الفترة 1985-2000 نحو 3 آلاف مليار دولار. إضافة إلى ذلك، كان نحو 80% من الاحتياطي العالمي ونحو نصف التجارة العالمية تتم بالدولار. الأمر الذي يعني ان قيام باقي دول الخليج بتسعير بترولها باليورو كان من المؤكد أن يُحدث هزة كبيرة في الاقتصاد الأمريكي تشمل انخفاض قيمة الدولار، وتدهور أسواق المال، وحدوث أزمة مالية واقتصادية يصعب التحكم فيها.
وللتدليل على هذه المخاوف، نشير إلى ما كتبه ديك تشيني عام 1990 حين كان يرأس شركة بترول كبيرة: قال تشيني: إن من يتحكم في إمدادات نفط الخليخ يمكنه أن يطبق الخناق، ليس على الاقتصاد الأمريكي فحسب، وإنما أيضا على العديد من دول العالم الأخرى”. ديك تشيني أصبح عام 2000 نائبا للرئيس، والرجل المسيطر على استراتيجة أمريكا الدولية. ولا يفوتنا التنويه بأن تدمير العراق كان أحد مطالب إسرائيل لأن العراق كانت آنذاك تجسد القوة العربية الوحيدة التي تشكل خطرا على الكيان الصهيوني. لذلك كان من أول القرارات التي اتخذها الحاكم الأمريكي بول كريمر بعد احتلال العراق هو حل الجيش والبوليس، والسماح بشيوع الفوضى واستباحة محتويات المتحف العراقي، ومن ثم فرض دستور على العراق استهدف تمزيق النسيج الاجتماعي والثقافي للشعب العراقي وتجزئته إلى مذاهب وأقليات تشغلها الحروب وتحرمها من القدرة على إعادة توحيد الشعب وبناء الوطن. وفيما اعترف بوش بأن اتهام العراق بامتلاك أسلحة الدمار الشامل كان كاذبا، قال رئيس وزراء بريطانيا السابق جودون بروان في كتاب نشر في نوفمبر 2017 أن أمريكا خدعت بريطانيا وأخفت عنها معلومات كان من الممكن أن تحول دون مشاركة بريطانيا في غزو العراق.
التآمر على سورية
أن ما جرى ويجري في سورية جاء نتيجة لمؤامرة ضد نظام الحكم ومواقفه المؤيدة لحزب الله، وذلك خدمة لإسرائيل، وقد شارك في تلك المؤامرة أمريكا وإسرائيل وبريطانيا وفرنسا، وتركيا وعدة دول عربية. وفيما بدأت خيوط المؤامرة تُحاك في عام 2007 بعد هزيمة إسرائيل في حربها ضد حزب الله عام 2006، بدأت عمليات تدريب قوات تنتمي لجماعات الإسلام السياسي لغزو سورية من الخارج عام 2009 على يد القوات البريطانية. ولقد كان “الربيع العربي” الفرصة التي أتاحت للقوى المعادية لسورية والأمة العربية كي تبدأ عملية الغزو. ولقد جاءت اعترافات حمد بن جاسم رئيس وزراء ووزير خارجية قطر السابق لتؤكد هذه المؤامرة، وتشرح بعض تفاصيلها، وكيف أن دول الخليج التي شاركت في دعم وتمويل عملية الغزو اوكلت لقطر مهام التنسيق مع تركيا وأمريكا وايصال الأسلحة والأموال للمتطرفين الذين ارتكبوا أفظع الجرائم بحق الشعب السوري. كما توضح المراجع أدناه أن داعش كانت من اختراع الغرب، وأن الرئيس أوباما أصر على استخدام داعش للاطاحة بالرئيس بشار الأسد على الرغم من اعتراضات رئيس جهاز الاستخبارات الحربية في وزارة الدفاع. ونشير إلى المراجع التالية لمن يريد المزيد من التفاصيل.
Former French Foreign Minister: The War against Syria was Planned Two years before “The Arab Spring”
Steven Chovanec, The West Created & Perpetuates The Syrian Civil War, March 24, 2015
http://www.mintpressnews.com/MyMPN/the-west-created-perpetuates-the-syrian-civil-war/
JMES GEORGE JATRAS, Bombshell Revelation of US and Saudi Culpability in Creating ISIS Ignored by Mainstream Media – and by the Team Trump, November 3, 2017
حمد بن جاسم يكشف لأول مرة تفاصيل مثيرة حول الأزمة السورية وكيف تم تمويله
https://www.youtube.com/watch?v=tdnosG8dVaE
د. محمد عبد العزيز ربيع
www.yazour.com